تُعتبر فترة الحمل بوجه عام من أصعب الفترات الصحية إلي تمر على أي امرأة ؛ حيث أن جسم المرأة يتعرض خلال تلك الفترة إلى عدد كبير من التغيرات الفسيولوجية التي قد يكون بعضها طبيعي وقد يكون بعضها إشارة إلى خلل يؤثر على سلامة الحمل وسلامة الأم والجنين ، وهناك مجموعة من الاختبارات الطبية التي تُساعد على اكتشاف الخلل الوراثي في الجنين مبكرًا ومنها اختبار الفيش FISH .
الكروموسومات
الكروموسومات Chromosomes هي عبارة عن بعض العصيات صغيرة الحجم والتي لا يُمكن رؤيتها بالعين المجردة وإنما من خلال المجهر الإلكتروني فقط ، ومن المعروف أن عدد الكروموسومات الطبيعي يُعادل 46 في الخلايا الجسدية البشرية ، وتترتب الكروموسومات في الخلية في شكل أزواج تأخذ الأرقام بداية من 1 وحتى 23 ، ولا يأخذ الزوج 23 رقم لأن هو الذي يُعبر عن جنس الإنسان ، حيث أنه إذا كانت نسختي الزوج طويلتان أي XX ، فهنا يكون المولود أنثى ، في حين أنه إذا كان هناك نسخة طويلة X ولكن الأخرى قصيرة Y أي XY ؛ فهنا يكون الجنين ذكر .
ويتكون كل كروموسوم بشكل أساسي من ثلاثة أجزاء هي الجزء العلوي (الذراع الطويلة) ، الجزء السفلي (الذراع القصيرة) ويرتبط الجزأين السابقين بجزء ثالث يُعرف باسم Centromere ، ومن خلال صبغ الكروموسومات ببعض الصبغات الكيميائية الخاصة ؛ يتمكن أخصائي التحاليل الطبية من ملاحظة شل الكروموسومات وتحديد وجود أي خلل بها .
اختبار FISH
إن اختبار الفيش اختبار FISH أو كما يُعرف باسم تقنية التهجين الموضعي التألقي أو Fluorescence In Situ Hybridization هي أحد أهم الاختبارات الوراثية والدالات الجينية التي تُساعد في التعرف على وجود أي خلل وراثي في الجنين بشكل مُبكر جدًا ، حيث أن هذه التقنية تُساعد على تحديد ترتيب الكروموسومات لدى الجنين أي التعرف على النمط النووي له وتحديد ما إذا كان هناك عدم توازن في الصبغيات في الخلايا المأخوذة من الجسم .
طريقة إجراء تحليل FISH
يتم سحب الخلايا ووضعها على الشرائح الزجاجية المجهرية الخاصة بالميكروسكوب الإلكتروني ؛ ويتم تركها لفترة زمنية مُحددة حتى تتفاعل مع مجموعة من مجسات الحمض النووي المعروفة باسم والتي تكون ذات ألوان مُحددة ، حيث تكون تلك المجسات بالارتباط مع المواقع المتوافقة معها والمماثلة لها على الكروموسومات ، ومن ثم يتم الاعتماد على الضوء من أجل مدها بالطاقة التي تُساعد على إثارتها كيميائيًا عبر الفلورسنت الذي يؤدي إلى ظهور الكروموسومات بأشكال ملونة وواضحة ، وباتلالي تكون مواقع الارتباط هي فقط الظاهرة تحت المجهر ، ويُفضل في هذه الحالة استخدام المجهر الفروي
وبالتالي ؛ إذا كانت صورة الكروموسومات الضوئية مختلفة عن الشكل المتعارف عليها سواء بزيادة مواقع الارتباط أو قلتها عن الطبيعي ؛ فإن ذلك يُنذر بشكل كبير بوجود خلل جيني لدى الجنين .
أهمية اختبار الفيش FISH
هناك بعض الحالات التي يكون من الضروري بها إجراء اختبار FISH ، مثل :
الكشف عن الخلل الوراثي للجنين
عادةً ما يُساعد هذا الاختبار على تحديد أي خلل جيني وأي تشوهات في الجنين بشكل مبكر جدًا وخصوصًا في حالة حدوث إجهاض متكرر لدى الأم من أجل التأكد من السبب الجيني الذي يؤدي إلى وفاة الجنين قبل اكتماله ، كما ان هذا الاختبار يُساعد بشكل كبير جدًا أيضًا على اكتشاف وجود إصابة ببعد المتلازمات الوراثية مثل متلازمة ويليام Williams syndrome التي تؤثر على النمو العصبي للجنين ، ومتلازمة برادر ـ فيلي التي تُعتبر مرض وراثي نادر يؤثر على الصحة النفسية والعصبية والبدنية للجنين ، إلى جانب قدرة هذا الاختبار أيضًا على اكتشاف العديد من المتلازمات الأخرى التي تصيب الجنين مبكرًا .
كما يتم الاعتماد على هذا الاختبار أيضًا عند توفر عدد كبير من الأسباب التي تُشير بشكل قوي إلى إصابة الجنين بالتشوهات الجينية الوراثية .
الكشف عن خلل الحيوانات المنوية
كما يمكن من خلال اختبار FISH أيضًا بعمل الجين النمطي للحيوانات المنوية وتحليلها ، وبالتالي ؛ يُساعد في التعرف على ما إذا كان مكون من 23 كروموسوم سليم ونموذجي أم به خلل جيني وراثي قد ينتقل إلى الجنين .
الكشف عن الأورام
كما قد يُستخدم اختبار FISH أيضًا من أجل دراسة واكتشاف الأورام ؛ حيث أن هذا الاختبار يُساعد في تحديد عدد وشكل وهيكل الكروموسومات واكتشاف وجود أي خلل عن الشكل المثالي لها ، ومن ثم اكتشاف وجود الأورام بشكل مبكر .
شروط واحتياطات إجراء اختبار الفيش FISH
-في بعض الحالات ؛ تكون نتيجة الاختبار إيجابية ويكون هناك خلل جيني وراثي بالفعل ؛ خصوصًا إذا كان عمر الأم الحامل قد تجاوز الـ 35 سنة ، وفي حالة تشوه الجنين أو انتقال احد الكروموسومات المشوهة من الأم أو الأب إليه ، ويتم تحديد الحاجة إلى إجراء الاختبار من عدمه وفق مجموعة من الاختبارات الكيميائية والفحوصات الأخرى التي يجريها الطبيب ؛ ولذلك ، يجب الرجوع إلى الطبيب المتابع إلى حالة الأم دائمًا قبل إجراء الاختبار .
-التحاليل التي تُجري على الكروموسومات بوجه عام يُمكن أن تجري على أي من خلايا الجسم التي تحتوي على نواة سواء عينة السائل الأمينوسي ، أو نخاع العظام أو الجلد أو عينة من المشيمة ، أو عينة دم .
-وعند أخذ أي عينة يجب حفظها بالطريقة الصحيحة حتى لا تتعرض إلى التحلل أو التلوث قبل فحصها في المختبر .
-في حالة الحصول على عينة دم لإجراء اختبار الكروموسومات ؛ لا بُد أن يتم حفظها على مانع تجلط مناسب مثل EDTA ، ويجب أيضًا أن يتم إرسالها إلى المختبر بأقصى سرعة ممكنة مع الحفاظ على ثبات العينة وعجم رجها أو تحريك الأنبوبة بشكل قوي حتى لا تتكسر الخلايا ، ويُذكر أن اختبار الكروموسومات الذي يتم على عينات الدم يعتمد على خلايا الدم البيضاء WBCs لأن خلايا الدم الحمراء لا تحتوي على أنوية ، وبالتالي ؛ لن يكون بها كروموسومات نووية ، وإنما تتوفر النواة في مختلف أنواع خلايا الدم البيضاء .
-لا بُد من إجراء هذا اختبار FSH واختبارات تحليل الكروموسومات عمومًا بواسطة أخصائي أو استشاري التحاليل الطبية ذو الخبرة والمهارة والكفاءة ؛ لأنه بالطبع اختبار دقيق يجدًا يتطلب مهارة كبيرة من أجل تحديد الخريطة الجينية وترتيب وسلامة الكروموسومات بشكل دقيق وصحيح ، ولا بُد أيضًا من عرض نتائج الاختبار على الطبيب المختص ذو الكفاءة والخبرة ؛ حتى يُقرر الطريقة المناسبة للتعامل مع المريض والتعرف بشكل مُقرب وصحيح أيضًا على أسباب الإجهاض أو تشوهات الجنين أو غيرها من أسباب إجراء الاختبار .
-يُذكر أن اختبار FISH وجميع الاختبارات الخاصة بتحليل الكروموسومات من الاختبارات ذات التكلفة المرتفعة نوعًا ما ؛ حيث أن تكلفة الاختبارات المعتمدة على عينة السائل الأمينوسي قد يصل سعرها إلى أكثر من ألف دولار ، والتحاليل التي تجرى على عينات الدم يتراوح سعرها من 300 إلى 400 دولار ، بينما الاختبارات التي تعتمد على الصبغات الملونة مثل FISH وغيره فإن سعرها يتراوح أيضًا بين 300 إلى 1000 دولار .